فصل: كتاب الجامع الأول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.كتاب الجامع الأول:

.لباس الحرير للرجال:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كتاب الجامع الأول من سماع ابن القاسم، من كتاب أوله مساجد القبائل، قال مالك: رأيت ربيعة يلبس القلنسوة وبطانتها وظهارتها خز وكان إماما.
قال محمد بن رشد: الخز هو ما كان سداه حريرا فالحم بالوبر.
وقد اختلف فيه وفيما كان في معناه من الثياب المشوبة بالكتان والقطن كالمحررات التي سداها حرير وطعمتها قطن وكتان- على أربعة أقوال:
أحدها: أن لباسها جائز من قبل المباح، من لبسها لم يأثم بلبسها، ومن تركها لم يؤجر بتركها، وهو مذهب ابن عباس وجماعة من السلف، منهم ربيعة على قوله في هذه الرواية؛ لأن لباس القلنسوة لباسهم؛ لأنهم تأولوا أن النهي والتحريم في لباس الحرير للرجال إنما ورد في الثوب المصمت الخالص من الحرير.
والثاني: أن لباسها غير جائز، وإن لم يطلق عليه أنه حرام، فمن لبسها أثم، ومن تركها نجا، إذ قد قيل في حلة عطارد السيراء، التي قال فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة»- إنها كانت يخالطها الحرير، كانت مضلعة بالقز، وهو مذهب عبد الله بن عمر، والظاهر من قول مالك، وإن كان قد أطلق القول فيه أنه مكروه، والمكروه ما كان في تركه ثواب، وليس في فعله عقاب. إذ قد يطلق فيما هو عنده غير جائز، تحرزا من أن يحرم ما ليس بحرام، والذي يدل على ذلك من مذهبه قوله في المدونة: وأرجو أن يكون الخز في الصبيان خفيفا.
والثالث: إن لباسه مكروه على حد المكروه، من لبسه لم يأثم بلبسه، ومن تركه لم يؤجر على تركه، وهذا هو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب؛ لأن ما اختلف أهل العلم فيه لتكافؤ الأدلة في تحليله وتحريمه، فهو من المشبهات التي قال فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنه من اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه»، وعلى هذا القول يأتي ما حكاه مطرف من أنه رأى على مالك بن أنس كساء إبريسم كساه إياه هارون الرشيد، إذ لم يكن ليلبس ما يعتقد أنه يأثم بلباسه.
والرابع: الفرق بين ثياب الخز وسائر الثياب المشوبة بالقطن والكتان، فيجوز لباس ثياب الخز اتباعا للسلف، ولا يجوز لباس ما سواها من القطن والكتان، بالقياس عليها؛ لأن الخز إنما استجيز اتباعا للسلف؛ لأن لباسه رخصة، والرخص لا يقاس عليها، وإلى هذا ذهب ابن حبيب، وهو أضعف الأقوال، إذ لا فرق في القياس بين الخز وبين غيره من المحررات التي قيامها حرير، وطعمها قطن أو كتان؛ لأن المعنى الذي من أجله استجاز لباس الخز من لبسه من السلف أنه ليس بحرير محض، موجود في المحررات وشبهها، فلهذا المعنى استجازوا لبسه لا من أجل أنه خز، إذ لم يأت أثر للترخيص لهم في لباس الخز، فيختلف في قياس غيره عليه. وبالله التوفيق.

.مسألة يعاب العالم بما لا يؤثر في عدالته:

خبر: قد يعاب العالم بما لا يؤثر في عدالته قال مالك: بلغني أن رجلا دخل على رجل له قدر، وهو يأكل، فلم يعرض عليه أن يأكل معه، فعاب عليه ذاك ذلك الرجل، فقال: إن في مستمعها أمورا كثيرة وقد يكون في العالم الأمر يعاب به.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن هذا مما يعاب به الرجل؛ لأنه من مذموم الأخلاق، وليس من مكارمها ومحاسنها، وإن النقص الذي يعاب به الرجل لا يخلو من أكثر البشر. فقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاثة: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد».
وروي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد» وليس لهذا العيب تأثير في العدالة؛ لأنه إنما يؤثر فيها العيوب في الأديان، لا في الأخلاق ولا في الأبدان.

.مسألة خبر في فضل أبي أيوب الأنصاري وعمر بن عبد العزيز:

وقال مالك: بلغني أن الروم يستصبحون على قبر أبي أيوب الأنصاري. قال مالك: وبلغني أن صالح بن علي مر بموضع قبر عمر بن عبد العزيز، فقيل له: إن هاهنا راهبا قديما فأرسل إليه لعله يعرف موضعه، فقال: عمن تسألني؟ عن قبر الصديق؟
قال محمد بن رشد: أبو أيوب الأنصاري هذا، من كبار أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، عليه نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، حتى بنى مسجده ومساكنه، فانتقل إليها، وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مع علي بن أبي طالب في الحروب كلها، ومات بالقسطنطينية في خلافة معاوية، خرج إليها غازيا تحت راية يزيد فمرض بها، فلما ثقل عاده يزيد، فأوصاهم إذا مات أن يكفنوه ثم يأمر الخيل بالركوب، فيحملوه إلى حيث يقدرون على الوصول إليه فيدفنونه تحت أقدامهم عند مصاقبتهم العدو، ففعلوا، فقبره عند سورها معلوم معظم محفوظ يستصبحون عليه على ما قاله في الرواية، ويستسقون به إذا أمحلوا فيسقون. ويروى أن يزيد أمر الخيل أن تقبل وتدبر على قبره ليعفى أثره، فقال لهم الروم صبيحة دفنهم إياه: لقد كان لكم شأن، فقالوا: نعم صاحب لنا من كبار أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ودفناه حيث رأيتم فوالله لئن نبشتموه، لا يضرب لكم ناقوس بأرض العرب ما دامت لنا مملكة، فما أقدموا على ذلك بل تنافسوا في حفظه، وتبركوا بقبره، وذلك كرامة عظيمة من الله عز وجل. وقول الراهب في عمر بن عبد العزيز عمن تسألني عن قبر الصديق؟ هو من هذا المعنى؛ لأن الله إذا أحب عبدا أحبه أهل السماء، ووضع له القبول في الأرض، وانطلقت الألسنة بالثناء عليه. وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا أردتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء». وبالله التوفيق.

.مسألة خبر في صفة الريح التي عذب بها عاد:

قوم هود قال مالك: وسئلت امرأة من بقية قوم عاد يقال لها هريمة: أي عذاب الله أشد؟ قالت: كل عذابه شديد، وسلامة الله ورحمته ليلة لا ريح فيها، ولقد رأيت العير يحملها الريح فيما بين السماء والأرض، ويقال: ما فتح عليهم إلا مثل حلقة الخاتم، ولو فتح عليهم مثل منخر الثور لأكفت الأرض.
قال الإمام القاضي: يشهد بصحة هذه الحكاية قول الله عز وجل: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} [الذاريات: 42]- يريد: ما مرت به- {إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] أي: كالشجر اليابس الهشيم، ومنه قَوْله تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] يريد: مما مرت به، إذ لم تدمر هودا، ولا من كان آمن به، وذلك أن هودا لما خوف قومه بعذاب الله إن لم يؤمنوا به، سخروا به، {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأحقاف: 22] {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحقاف: 23]، أي: لا يعلم متى يأتي العذاب إلا الله {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [الأحقاف: 23] {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] فرحوا به لأنهم كانوا في محل وظنوا أنهم يمطرون به، وقالوا: كذب هود كذب هود، فلما خرج نبي الله هود، فشامه، قال لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24] فجاءتهم ريح جعلت تلقي الفسطاط، وتجيء بالرجل الغائب، وتذهب بالظعينة حتى ترى كأنها جرادة، تدمر كل شيء مما مرت به، ترمي بعضه على بعض وتهلك. ومما قاله في الحكاية من قوله: ويقال ما فتح عليهم إلا مثل الخاتم، ولو فتح عليهم مثل منخر الثور لأكفت الأرض، هو مروي عن ابن عباس. ومثله لا يكون رأيا. قال: ما أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا. ونزع خاتمه، يريد والله أعلم: فتح الله عليهم من خزائن ريح العذاب بابا إلا بقدر حلقة الخاتم. وبالله التوفيق.

.مسألة الإشفاق من استفتاء من ليس من أهل الفتوى:

في الإشفاق من استفتاء من ليس من أهل الفتوى قال مالك: إن ربيعة بكى، فقيل له: ما الذي يبكيك؟ أقضية نزلت بك؟ قال: لا ولكنه أبكاني أنه اسْتُفْتِيَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ. قال: وسمعت مالكا يقول: كان سليمان بن يسار أفقه رجل كان ببلدنا بعد سعيد بن المسيب، والكثير ما كانا يتفقان في القول، فكان إذا ارتفع الصوت في مجلسه، أو كان مرا أخذ نعليه ثم قام.
قال محمد بن رشد: إنما بكى ربيعة من استفتى من لا علم له؛ لأن ذلك مصيبة في الدين، وهي أعظم من المصيبة في المال. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من قلوب الناس، ولكنه يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»، فلا يصح أن يستفتى إلا من كان من العلماء الذين كملت لهم آلات الاجتهاد، بأن يكون عارفا بالكتاب، والذي يجب عليه أن يعلم منه ما تعلق بذكر الأحكام من الحلال والحرام، فيعرف مفصله ومجمله، ومحكمه وناسخه ومنسوخه، دون ما فيه من القصص والأمثال، والمواعظ والأخبار، ويحفظ السنن المروية عن النبي في ذلك من بيان الأحكام وناسخها ومنسوخها ويعرف معاني الخطاب وموارد الكلام ومصادره، من الحقيقة والمجاز، والخاص والمفصل والمطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم، ويعرف من اللسان ما يفهم به معاني الكلام ويعرف أقاويل العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وما اتفقوا عليه مما اختلفوا فيه، ويعرف وجه النطق والاجتهاد والقياس، ووضع الأدلة في مواضعها والترجيح والتعليل. وما تضمنته هذه الحكاية من أن سعيد بن المسيب كان أفقه من سليمان بن يسار هو المشهور الذي ذهب إليه مالك ومن أخذ بناحيته. وأما ربيعة وعبد العزيز بن أبي سلمة، ومن أخذ بناحيتهما وأهل الكوفة، فيقولون: سليمان بن يسار أفقههما، وقد قيل: إن الفقه كان له، والذكر لسعيد، فهما جميعا فرسا رهان في الفقه والدين والورع. وما حكاه عن سليمان بن يسار: من أنه كان إذا ارتفع الصوت في مجلسه أو كان مرا أخذ نعليه ثم قام- من أدل الدلائل على ورعه وخيره وفضله؛ لأن رفع الصوت في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكروه حتى في العلم، فقد كان رسول أمير المدينة يقف بابن الماجشون في مجلسه إذا استعلى كلامه وكلام أهل مجلسه، فيقول له: يا أبا مروان، اخفض من صوتك، وأمر جلساءك يخفضوا من أصواتهم. روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم وبيعكم وشراءكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم، وجمروها أيام جمعكم، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم». وبنى عمر بن الخطاب رحبة بناحية المسجد تسمى البطيحاء، وقال: من أراد أن يلغط وينشد شعرا ويرفع صوته، فليخرج إلى هذه الرحبة. والمراء في العلم منهي عنه. فقد جاء: أنه لا تؤمن فتنته، ولا تفهم حكمته. وبالله التوفيق.

.مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل ولا حرم إلا ما في كتاب الله:

في أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحل ولا حرم إلا ما في كتاب الله قال مالك: بلغني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في اليوم الذي توفي فيه، ووقف على بابه، فقال: «إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه، يا فاطمة بنت رسول الله، ويا صفية عمة رسول الله، اعملا لما عند الله، فإني لا أغنيكما من الله شيئا».
قال الإمام القاضي: هذا حديث يدل على صحته قول الله عز وجل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وقال: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] فالمعنى في ذلك أن الله عز وجل نص على بعض الأحكام، وأجمل القرآن في بعضها، وأحال على الأدلة في سائرها بقوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فبين النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ ما أجمله الله في كتابه كما أمره به حيث يقول: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فما أحل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أو حرم ولم يوجد في القرآن نصا فهو مما يبين من مجمل القرآن أو علمه بما نصب من الأدلة فيه. فهذا معنى قوله والله أعلم: «لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه»، فما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

.مسألة تفسير قول النبي عليه السلام أمرت بقرية تأكل القرى:

في تفسير قول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ:
«أمرت بقرية تأكل القرى» وسئل مالك: عن تفسير حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أمرت بقرية تأكل القرى» قال: يثرب تفتح في رأيي، قال: وأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123] قال: يلون المدينة.
قال محمد بن رشد: تفسير مالك لهذا الحديث بين صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن معناه أمرت بالهجرة من مكة إلى قرية تفتح منها القرى، وهي التي يسميهما الناس يثرب، فكان كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحت عليه وعلى أصحابه بعده منها سائر القرى وهي المدن والأمصار. وتمام الحديث في الموطأ وهو قوله: «يقولون يثرب وهي المدينة، تنفي الناس كما تنفي الكير خبث الحديد» فمعنى قوله يقولون يثرب أي: يسميها الناس يثرب وهي المدينة، فسماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وقوله «تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» ليس على عمومه، ومعناه: في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه لا يخرج من المدينة في حياة النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، ويرغب عن المقام معه إلا مريض الإيمان، وأما بعد وفاته، فقد خرج منها إلى العراق والشام جماعة من جلة أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمون الناس القرآن والإسلام؛ لأنهم رأوا ذلك أفضل من المقام بالمدينة بعد النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، وإن كان الصلاة في مسجده خيرا من الصلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام لعظم الأجر على تعليم الناس الإسلام والقرآن، والله أعلم.

.مسألة مواساة الأنصار للمهاجرين:

في مواساة الأنصار للمهاجرين قال: وسمعت مالكا: «لما قدم المهاجرون على الأنصار، قال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: واسوهم، قالوا: يا رسول الله، نقاسمهم الثمر، قال: أَوَغَيْرَ ذلك، قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: يكفونكم المئونة وتقاسمونهم الثمر، قالوا: سمعنا وأطعنا». قال: إن كان أحدهم لتكون له امرأتان فيخير أخاه في أيتهما شاء. وما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إلا وما دار من دور الأنصار إلا وفيها الأنصار.
قال محمد بن رشد: في هذا فضل الأنصار في مواساتهم المهاجرين القادمين عليهم، وكفى بالثناء على ذلك قوله عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] فيما أشار عليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أن يكفوهم المؤونة، ويقاسموهم الثمر جواز المساقاة على ما ذهب إليه مالك وجميع أصحابه والشافعي، فهو حجة له في إجازتها وتبطل عند أبي حنيفة فيما ذهب إليه من أنها لا تجوز قوله: إنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما ساق يهود خيبر من أجل أنهم كانوا عبيدا للمسلمين، وبالله التوفيق.

.مسألة ما يفضل به العراق على الشام:

في ما يفضل به العراق على الشام قال: وسمعت مالكا يقول: أقدم معاوية بن أبي سفيان رجلا من أهل الدين والفضل الشام، فقال: سئل بعد ذلك: كيف وجدت الشام؟ فقال: ما رأيت إلا خيرا، إلا أن ظمأ الهواجر الذي كان يصيبني بالعراق لم أجده، وإني كنت أسمع المؤذنين يتجاوبون عند الصلاة، وإني أسمع هاهنا النواقيس، وإني كنت أجالس أقواما يتخيرون طيب الكلام، كما يتخير أطايب الثمر. قال سحنون: هو عامر بن عبد قيس.
قال محمد بن رشد: فضل العراق على الشام بثلاثة: أحدها: ظمأ الهواجر فيها، وهو شدة ما يصيب الصائم في صيامه فيه من أجل حره؛ لأن العراق بلاد حرارة، والشام بلاد باردة، والأجور في الأعمال على قدر ما يلحق العامل من المشقة فيها، فكأن الصيام في العراق أفضل من الصيام بالشام، ألا ترى أن أجر المتوضئ في الوضوء، في زمان البرد والشتاء أكثر من أجره في زمان الحر والصيف، وذلك بين من قوله في الحديث: «ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد»... الحديث، والثاني: كثرة أهل الخير فيه، والثالث: عدم سماع النواقيس فيه، إذ لا أهل ذمة فيه، وإن كان فيسير، بخلاف الشام، والله أعلم.

.مسألة فضل سعد بن معاذ:

فيما يروى من فضل سعد بن معاذ قال مالك: مر سعد بن معاذ بعائشة وهي في أطم من الآطام، عليه درع مقلصة مشمرة الكمين، فقالت عائشة: ما أخاف على الرجل إلا من أطرافه، وما رأيت رجلا أجمل منه حاشى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأصيب أكحله، فقال: اللهم إن كانت حرب بني قريظة لم يبق منها شيء فاقبضني إليك، وإن كانت بقيت فأبقني حتى أجاهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعداءه، فلما حكم في بني قريظة، توفي وفرح الناس، وقالوا: نرجو أن تكون قد استجيبت دعوة سعد.
قال محمد بن رشد: سعد بن معاذ من فضلاء الصحابة من الأنصار، رُوِيَ عن عائشة أنها قالت: كان في عبد الأشهل ثلاثة، لم يكن بعد النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن الحضير، وعباد بن بشر، وهو الذي جاء فيه أنه اهتز العرش لموته. وفضائله أكثر من أن تحصى والآطام الحصون فمروره بعائشة وهي في حصن من الحصون كان في بعض غزواتها مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه عَلَيْهِ السَّلَامُ كان يقرع بين نسائه عند غزوه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها. ولما رأته في درع مقلصة مشمرة الكمين أعجبها ذلك منه لما فيه مما يبعد الكبر عنه. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا». وَرُوِيَ عن ابن عباس أنه كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قميص قطني قصير الطول، قصير الكمين. وروي عن أنس قال: قميص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رسغه.
وكان سعد بن معاذ أصيب أكحله يوم الخندق بسهم رمي به، فضرب له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيمة في المسجد، ونقله إليها ليعوده من قريب، فكان يعوده كل يوم إلى أن نزفه الدم فمات من جرحه بعد الخندق بشهر وبعد قريظة بليالٍ، وكان قد دعا الله قبل موته بما جاء في الرواية. وروي أنه قال في دعائه: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعل لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. فلما نزل بنو قريظة على حكم النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ حَكَّمَهُ فيهم فحكم أن تقتل رجالهم ويسبى نساؤهم وذَرَارِيهِمْ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أنفعة»، وكانوا أربعمائة، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأُخرجوا وخندق لهم خناديق، وضربت رقابهم فيها، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه، فمات، فعلم أنه استجيبت دعوته. وبالله التوفيق.

.مسألة الالتحاء بالعمامة:

في ترك الالتحاء بالعمامة وسئل مالك: عن العمامة يعتم بها الرجل في بيته عند غسله أو مرضه، ويصلي بها في بيته، لا يجعلها تحت حلقه، قال: لا بأس بذلك، يردده على أنه لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: قوله لا بأس بذلك، أي: لا كراهية في ذلك وأما في المساجد والجماعات، فيكره ترك الالتحاء بها، ويقال: إن ذلك من بقايا عمل قوم لوط، ولما كان التعمم من غير التحاء خلاف شكل العربي المستحسن، كره تركه في المساجد، اتباعا لظاهر قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، والمصلي يناجي ربه، ويقف بين يدي خالقه، وهو أحق من تزين له. وقد رأى عبد الله بن عمر مولاه يصلي بغير رداء، فقال له: أرأيت لو كنت مرسلك إلى السوق، أهكذا كنت تمضي؟ قال: لا، قال: فالله أحق من تجمل له.

.مسألة لباس القلانس:

في لباس القلانس وسئل مالك: عن القلانس، هل كانت قديمة ومن أول من أحدثها؟ قال: كانت في زمان النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، وقبل ذلك فيما روي، وكانت لخالد بن الوليد قلنسوة، قاتل بها يوم اليرموك وكان اليوم شديدا، فوقعت من رأسه، فدخل مدخلا متعبا في طلبها حتى أخرجها، فعوتب في ذلك، فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين حلق ناصيته، أخذت شعره، فحملته فيها، فلذلك طلبتها.
قال محمد بن رشد: القلانس ما كان لها ارتفاع في الرأس على أي شكل ما كانت. وقد روي عن ابن عمر أنه قال: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبس قلنسوة بيضاء». وهو يشهد لما قاله مالك في هذه الحكاية من أن القلانس كانت في زمن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ وأنها من الزي الحسن، وبالله التوفيق.

.مسألة سرد الصيام:

في سرد الصيام قال: وسمعت مالكا يقول: سرد سعيد بن المسيب الصيام، فقيل له: إن قوما يحتجون بقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ لعثمان بن مظعون، فقال: إن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، كان إمام المسلمين كان يعمل الأشياء ليوسع على الناس، وقد سرد قوم من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: سرد الصيام هو أن يتابع الرجل إياه، فلا يفطر إلا في الأيام المنهي عن صيامها، وذلك صيام الدهر وقد كرهه جماعة من العلماء لحديث أبي قتادة «عن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ أنه سئل عن صيام الدهر، فقال: من فعل ذلك لا صام ولا أفطر، أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما». ولا حجة لهم في الحديث؛ لأن قوله فيه: «لا صام ولا أفطر» ليس معناه الدعاء عليه، فيقتضي ذلك النهي عن صيام الدهر، وإنما معناه: ما صام وما أفطر؛ لأن الحروف قد يبدل بعضها من بعض، أي: ما صام الصيام الذي أعلى مراتب الصوم، إذ لا يؤمن أن يضعف على التمادي على ذلك، أو على سائر ما كان يفعله من أعمال البر، كالصلاة وقراءة القرآن، وما أشبه ذلك من الأعمال التي قد يضعف عنها بموالاة الصيام.
وذكر في الرواية: أن قوما يحتجون لذلك بقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ لعثمان بن مظعون، ولم يذكر فيها نص ما قاله له. وفي الصحيح عن أنس بن مالك أنه قال: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: وأين نحن من النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». فإن كان عثمان بن مظعون أحد هؤلاء الثلاثة رهط، فهذا هو نص الكلام الذي قاله له، وإن لم يكن هو فالكلام الذي قاله له هو ما كان في معناه والله أعلم، يدل على ذلك تأويل مالك له، فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعمل الأشياء ليوسع على الناس، وهو تأويل جيد؛ لأن معناه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم ويفطر، وإن كان الأفضل أن يسرد الصيام مخافة أن يسرده الناس، فلا يقدرون على التمادي على ذلك، ويضعفون عن سائر أعمال البر، فلا يختار الرجل أن يترك سرد الصيام إلا مخافة أن يضعف على التمادي على ذلك، وعن سائر أعمال البر؛ لأن الصوم والفطر أفضل من سرد الصيام إذا لم يضعف عن التمادي ولا على شيء من أعمال البر، فهذا معنى ما ذهب إليه مالك. يشهد بصحته قَوْله تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقوله: {اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إن الله لا يمل حتى تملوا، اكلفوا عن العمل ما لكم به طاقة»، وقوله: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى».

.مسألة الحجامة والإطلاء يوم السبت والأربعاء:

في الحجامة والإطلاء يوم السبت والأربعاء وسئل مالك: عن الحجامة والإطلاء يوم السبت ويوم الأربعاء؟ قال: لا بأس بذلك، فقيل له: فتفعله أنت، قال: نعم، وَأُكْثِرُهُ وأتعمده، وليس يوم إلا وقد احتجمت فيه، ولا أكره شيئا من هذا لا حجامة ولا طلاء ولا نكاحا ولا سفرا في شيء من الأيام.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا بأس بالحجامة والإطلاء والنكاح والسفر وغير ذلك من الأشياء في يوم السبت ويوم الأربعاء؛ لأن الامتناع من شيء من ذلك في يوم السبت ويوم الأربعاء، من التطير الذي قد أبطله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «لا طيرة» وبقوله: «لا عدوى، ولا هام ولا صفر». والأصل في تطير الناس بيوم الأربعاء ما جاء من أن الأيام النحسات التي أهلك الله فيهما قوم عاد بالريح، كانت ثمانية أيام أولها الأربعاء وآخرها الأربعاء. وهي الثمانية الأيام التي قال الله فيها: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ} [الحاقة: 7]... الآية، والأصل في تطيرهم يوم السبت أن بني إسرائيل عدوا فيه فمسخهم الله قردة وخنازير. قال تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163] الآية. ولصحة إيمان مالك بالقدر، ومعرفته أن اليوم لا يضر ولا ينفع، وتصديقه بما جاء عن رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إبطال التطير، كان لا يكره حجامة ولا نكاحا ولا شيئا من الأشياء في السبت والأربعاء، بل يتعمد ذلك فيهما، وكذا ينبغي لكل مسلم أن يفعل؛ لأن من يتطير فقد أثم. وقد روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا طيرة، والطيرة على من تطير» ومعنى قوله من تطير أي: عليه إثم ما تطير به على نفسه، يكون قد نفي ذلك في أول الحديث بقوله: «لا طيرة»، وبالله التوفيق.

.مسألة بحث عمر بن عبد العزيز عن أقضية عمر بن الخطاب:

في بحث عمر بن عبد العزيز عن أقضية عمر بن الخطاب قال مالك: وكان عمر يرسل إلى سعيد بن المسيب عن أقضية عمر بن الخطاب.
قال محمد بن رشد: وقع في بعض الروايات: كان ابن عمر، والصواب: كان عمر، يريد بذلك عمر بن عبد العزيز؛ لأنه كان أتبع الناس لعمر بن الخطاب، يسير في سيرته في جميع الأمور، وذلك من جملة فضائله التي تؤثر عنه، وبالله التوفيق.